قد شم أحدكم ريحة حبر الصحافة زمان، كان يا ما كان، توجد صاحبة الجلالة ملكة ممكن ما لها حظ في الحسن والدلال، ولكن كانت في ثيابها تختال، في كل حرف من حروفها معنى ومبنى، حرف الصاد صولة بدون دولة، وحرف الحاء حدوتة كل يوم والألف أمة الرأي والكلمة، والفاء فنار في رأسه نار، والتاء المربوطة تقرأها على فنجان قهوة مضبوطة. أكيد عرفتم من هي التي تربعت على عرش الرأي وقامت على قدم وساق النقد وصوت المواطن. فكانت الصوت بل والسوط الذي ألهب ظهور وعقول وقلوب كل من بغى وتجبر. الزمان الخلي للورق ما أجمله فقد حمل كل هموم المجتمع وآدابه وتراثه ليقدمها معلومات ثرية لخزينة القارئ، ودان الأمر الآن للورق الأخضر أو ربما لون آخر أزرق أو أحمر، أكل الأخضر واليابس، إنها القروش التي لا ترحم والتي لوت أعناق الرجال قبل النساء، ويكفي أن يرى طرفه أحد من الناس فتفتح شهيته للآخر ومستعد يأكلك حبة حبة ولكن شرط تمتلئ بطنه التي لا يملأها إلا خانة المليون، هو وأفراد عائلته الكريمة وعليهم يا حليمة والذي لا يعرف معنى عليهم يا حليمة، فهي تقال وقت نزول المطر ويقصدون زيدي من خيرك، وإن كان فيه أحيان للبعض بعض العنا. طبعا صاحبة الجلالة هذه لها جند وبلاط ومراسم، فالجند هم التقنيون من أيّام صف الحروف الرصاص إلى عهد كن فيكون. والبلاط هي مكانتها في كل مكان فأينما أمطرت خراجها لها، أما المراسم فقد كانت أقلاما ثم واتس اب أو غيرها من الأدوات التي أصبحت تنقل الكلمة بل والمقال في جزء من الثانية. أما شعبها فهم القرّاء والذين يمنحونها حبهم فتمنحهم التكلم بصوتهم والتعبير عن إرادتهم، هكذا كانت الصحافة أو السلطة الرابعة التي كانت أنت ولا غيرك أحد تزهو بعظمتها، والآن أصبحت ارحموا عزيز قوم ذل او حتى زل. من المرور الذي كان مرور الكرام الذي لم يشعر به إلا عائلتها التي تبكي حزنا على تلك الأيام، ولكن مع الإذعان لمثل ما طار طير أو ارتفع إلا كما طار وقع، وهذا ينطبق كثيرا على من استولى على الحكم بالثورات بل خرب عشرات السنوات وظن أنه فالح مع أنه أمر من البحر المالح ولم يأخذ عبرة ممن انتهى بهم المطاف في حفرة أو ماسورة. لم يقنع حتى خلع كما يخلع الضرس الخربان من لغاليغو. الآن ما الحل والصحافة الورقية تئن وتشكو من الذي لم يكن لا على البال ولا على الخاطر، فكيف لهذا الأمر يبقى خبرا وحديثا من أحاديث الهوى. ومن يتهزل ويقول كيف أنساك أن الصحافة التي حملت هموم الأمم ووقفت وقفة امرأة ورجل واحد تدافع عن الوطن وسياسته وتراثه وتفند ما يقال من أكاذيب، هذه الصحافة تحتاج إلى لفتة أو فكرة تنقذها من حالها الآن ومن القادم المظلم. قد يقول منتقد هكذا الدنيا فالحال يتغير والأدوات الجديدة تحل والقديمة باي باي. نقول صحيح ولكن الصحافة الورقية لها محبوها وكثير من أدوات الحاضر هي كالمربية حضن بارد ولن تأخذ دور الأم مهما كان. لا بد من لفتة من جهة ما للأخذ بيدها حتى لا تدخل في مواقع رعاية المسنين التي هي عمق الذل النفسي والتي من يدخلها لم يعد آمنا. إما يد تمتد فتنقذها أو نقول الله يرحم الصحافة كانت بنت طيبة ولكن هاجمها المرض الشرس حضارة كمان وكمان. يا ناس يا هوووه. ارحموا عزيز قوم «زل».